كيف بنت DeepSeek نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها بأقل تكلفة؟
العجلة الاقتصادية تتعامل على اساس الدولار ٨٩٥٠٠ ليرة
اميمية شمس الدين - "الديار"
منذ تسلم الدكتور وسيم منصوري مسؤوليات حاكم مصرف لبنان بالإنابة وتحديداً في الاول من آب 2023 تمكن المصرف المركزي من الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي و بالأحرى اوقف تدهور سعر صرف الليرة استقرار سعر صرف الدولار على 89,500 ليرة حتى يومنا هذا .
فكيف تمكن مصرف لبنان من الحفاظ على استقرار سعر الصرف طول هذه الفترة ولماذا يصر على هذا الأمر وهل سيتمكن من الاستمرار في هذه السياسة وإلى أي مدى وما هو المطلوب لذلك؟
في هذا الإطار رأى كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل في حديث للديار أن مصرف لبنان لا يصر على تثبيت سعر الصرف بالمعنى المجرد ولكن هو أخذ إجراءات ابتداء من آذار 2023 لوقف تدهور سعر صرف الليرة وتحسن سعرها ولاستقرار سعر الصرف على 89,500 ليرة للدولار الأميركي.
وذكر غبريل : إذا عدنا إلى أوائل العام 2023 وأواخر العام 2022، بدأ سعر الصرف الليرة اللبنانية يتدهور بشكل سريع لدرجة انه وصل إلى 141,000 ليرة لكل دولار في منتصف آذار 2023 وحينها أخذ مصرف لبنان قرارا بمنع هذا التدهور، وقال للحكومة انه لم يعد باستطاعته الإكمال بتغطية عجزها وبالتالي تمويلها، وثانيا سحب من السوق كمية كبيرة من الليرات اللبنانية من خلال شرائها للجم المضاربات على سعر الصرف والطلب على الدولار لافتاً أن المركزي سحب في العام 2023، 22 تريليون ليرة، وبدا منذ منتصف آذار تقريبا يتحسن سعر صرف الليرة تدريجيا إلى أن وصل بآخر أسبوع من شهر تموز 2023 إلى 89500 وبقي على هذا المستوى لغاية اليوم بالرغم من كل الصدمات الأمنية التي حصلت والجمود السياسي، كحادثة الكحالة في صيف 2023 والمعارك في مخيم عين الحلوة ومن ثم اندلاع حرب الأسناد في 8 تشرين الأول 2023 وطبعا في ايلول 2024 توسع الحرب الإسرائيلية على لبنان،" وهذا كله حصل في جو شغور رئاسي وحكومة بحال تصريف أعمال".
وتابع غبريل: عمل مصرف لبنان في هذه الأجواء ونجح في الحفاظ على استقرار سعر الصرف بالرغم من كل هذه الأجواء والوضع الأمني مذكراً أن مصرف لبنان في تموز من العام 2023، عند اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خرج نواب الحاكم الأربعة وناشدوا السلطات التشريعية والتنفيذية بتطبيق إصلاحات لمواكبة عملية استقرار سعر الصرف، ومنها اقرار قوانين في مجلس النواب، ولكن لم يحصل هذا الشيء وكان هدف مصرف لبنان بعملية استقرار سعر الصرف هذه، ربح الوقت لتبدأ الإصلاحات في حين كنا في شغور رئاسي كان قد بدأ منذ تسعة اشهر، إلى ان ينتخب رئيس جديد وتبدا العملية الإصلاحية.
ولكن بغض النظر عن هذا الأمر اردف غبريل : طال الوضع لغاية الشهر الماضي لانتخاب رئيس للجمهورية ، انما استطاع مصرف لبنان ان يحافظ على هذا الاستقرار بالرغم بالرغم من الحرب الإسرائيلية. ولا ننسى ايضا مشروع مصرف لبنان إطلاق منصة جديدة بالتعاون مع شركة بلومبرغ المالية كي يصبح العرض والطلب هما من يقررا سعر الصرف بشفافية، ولكن بسبب بدء حرب الإسناد في تشرين الأول 2023 اجّل مصرف لبنان إطلاق المنصة إلى اجل غير مسمى لأن هكذا خطوة بحاجة إلى استقرار وثقة.
وأوضح غبريل ان استقرار سعر الصرف لم يكن هدفا بحد ذاته لمصرف لبنان، انما كان الهدف ربح الوقت إلى حين بدء العملية الإصلاحية وثانيا الوصول إلى إطلاق هذه المنصة الجديدة التي من خلالها يصبح العرض والطلب من يقرر سعر الصرف.
وتابع:" لم تحصل الإصلاحات ولم تُطلَق المنصة انما استمر المصرف المركزي في الحفاظ على استقرار سعر الصرف ووصلنا إلى نقطة اصبحت فيها كل التعاملات التجارية على سعر 89,500 التبادلات بين الأفراد والمحلات كما البيانات المالية للشركات والمؤسسات المالية والمصارف كلها تُقدٌم على سعر 89500، كما انه يتم تحصيل إيرادات الخزينة كلها على هذا السعر، ان كانت ضرائب أو رسوما، وأصبح عمليا كل العجلة الاقتصادية تحصل على قاعدة الصرف 89500. ويشرح غبريل: اليوم لا توجد مصلحة بتغيير سعر الصرف حاليا قبل وضع الحكومة الجديدة لبرنامج إصلاحي متكامل ومن ضمنه سياسة نقدية جديدة وحينها يقرر ماذا سيحصل بالنسبة إلى سعر الصرف.
السؤال المطروح اليوم كما يقول غبريل لماذا هناك اصرار لمصرف لبنان للحفاظ على سعر الصرف والجواب هو لان اليوم العجلة الاقتصادية اصبحت على هذا السعر وأي تغيير سوف يؤثر في التبادلات التجارية وفي البيانات المالية وهذا سبب أساسي لاستمرار مصرف لبنان بالحفاظ على هذا السعر. النقطة الثانية وفق غبريل ان هذا ليس تثبيتا لسعر الصرف، هناك فرق بين سياسة تثبيت السعر التي كانت سائدة بين العام 1997 و لغاية اندلاع الأزمة في العام 2019، وسياسة مصرف لبنان بالحفاظ اليوم على الاستقرار، ففي الماضي كانت تعتمد سياسة التثبيت على سعر صرف 1507 بأي كلفة كانت، بينما اليوم الحفاظ على هذا الاستقرار له أسبابه وليس الهدف منه الحفاظ على استقرار السعر بحد ذاته وبالتالي الكلفة، خصوصا ان المصرف في لبنان أوقف تمويل الدولة، اصبحت أقل مما كانت من قبل، خصوصا" ان الحكومات السابقة كانت مدمنة على الاستدانة من مصرف لبنان و احد العوامل لارتفاع كلفة تثبيت سعر الصرف.
وأشار غبريل إلى نقطة إضافية في هذا الموضوع، فلقد استطاع مصرف لبنان في فترة أواخر تموز 2023و أواخر أيلول 2024 زيادة احتياطه من العملات الأجنبية السائلة بمليارين دولار تقريبا، ولكن هذه الاحتياطات تراجعت بنسبة 530,مليون دولار دولار في آخر ثلاثة اشهر من العام 2024 وذلك طبعا بسبب تداعيات الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وقرار مصرف لبنان زيادة الدفعات الشهرية تحت التعميمين 158 و166 وعدم وجود عرض للدولار بالسوق كي يشتريه المصرف في هذه الفترة، "ولكن استطاع مصرف لبنان ان يعوض تقريبا نصف هذا التراجع بأول أسبوعين من شهر كانون الثاني الماضي 2025 بسبب الأجواء الإيجابية مع انتخاب الرئيس جوزاف عون، اذ ارتفعت احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية ب253 مليون دولار في كانون الثاني، وبرأيي سوف يستمر هذا الارتفاع وسنرى هذا الأمر في بيانات المصرف".
واعتبر غبريل ان كلفة تدخل مصرف لبنان هي قليلة في هذا الموضوع للحفاظ على استقرار سعر الصرف او للحفاظ على احتياطاته بالعملات الأجنبية.
وإذ سأل غبريل "هل سيتمكن مصرف لبنان من الحفاظ على استقرار سعر الصرف؟ قال نعم مصرف لبنان قادر على الحفاظ على سعر الصرف من خلال سياسته بسحب الليرة اللبنانية من السوق وتقليص حجم الكتلة النقدية، مشيراً أن اليوم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية توازي تقريبا 700 مليون دولار مقابل 10مليار و300 مليون دولار احتياطي سائل من العملات الأجنبية، اي ان كل الكتلة النقدية اللبنانية الموجودة بالسوق توازي تقريبا 6 % من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية.
وعمليا يقول غبريل : يستطيع مصرف لبنان ان يجفف السوق كليا من الليرة لبنانية إذا احتاج الى ذلك، من اجل المحافظة على سعر الصرف وبالتالي لجم التضخم الذي ارتفع كثيرا، حيث ان مؤشر الأسعار الاستهلاكية بلغ 171% في العام 2022 و 221% في العام 2023 وتراجع إلى 45% بالعام 2024 نتيجة استقرار سعر الصرف ووقف تدهور سعر صرف الليرة، و سيحافظ مصرف لبنان على هذا الاستقرار إلى حين تبدأ العملية الإصلاحية، ومن ثم من ضمن البرنامج الإصلاحي المتكامل للحكومة الجديدة، هناك إصلاحات لديها علاقة بالسياسة النقدية وعندئذ يقرر ما سيحدث بسعر الصرف، موضحاً أن الهدف بالنتيجة انه يصبح العرض والطلب من يقرر سعر الصرف، انما هذا الهدف في الخطوة اللاحقة عندما تبدا العجلة الإصلاحية وتظهر نتائج عملية للإصلاحات ويبدا تدفق رؤوس الأموال إلى لبنان، "ولغاية هذا الوقت ان مصرف لبنان سيحافظ على استقرار سعر الصرف على 89500 ولا تعديل او انخفاض إلى سعر 50 الف كما تروج بعض الإشاعات التي تم التداول بها منذ بضعة أسابيع " مستبعداً ان يحصل هذا الأمر في الوقت المنظور لان كل التعاملات التجارية، ودفعات الأفراد والبيانات المالية للشركات والمصارف والمؤسسات المالية والأهم الإيرادات المالية للخزينة كلها اصبحت على سعر 89500 وأي تعديل انخفاضا لهذا السعر سوف يؤدي إلى اضطرابات في الأسواق في لبنان وإلى تقلبات وهذا الأمر ليس مطلوبا وليس مرغوبا حاليا. الهدف على المدى الطويل ان يقرر العرض والطلب سعر الصرف وهذا طبعا يمكن ان يحصل بعد تطبيق الاصلاحات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|